أكد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ : المفتي العام للمملكة ، ورئيس هيئة كبار العلماء ، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء : أن صيام يوم عاشوراء من باب التطوع لا من باب الفرض ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يفرض رمضان أمر الناس بصيامه ، فلما فرض رمضان صار من صامه فحسن ومن لم يصمه فلا شيء عليه .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صيام يوم عاشوراء احتسب على الله أن يكفر سنة ماضية ) .
وحث المفتي العام على صيامه وترغيب الأبناء فى صيامه ، وبين المفتي العام : أن المسلم يصوم يوم العاشر ويصوم يومًا قبل العاشر ، أو يصوم يومًا بعد العاشر ، وإن جمع الأيام الثلاثة كلها فحسن .
فضل عاشوراء
وقال سماحته فى حديث لـ " المدينة " حول فضل يوم عاشوراء واستحباب صيامه : شهر الله المحرم أحد الأشهر التي قال الله فيها : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ .
والأشهر الحرم : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب كانت أشهرًا يحرم فيها القتال لتعظيمها ، لعظيم أمرها ، وكانوا في الجاهلية يحتالون على استباحتها ، فإذا بدا لهم أمر ، وأرادوا فعله في الشهر الحرام استباحوا الحرام ، ونقلوه إلى شهر آخر ، ولذا قال الله عنهم : إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ .
التاريخ الهجري
واليوم العاشر من محرم له شأنه العظيم ، ولكن قبل ذلك شهر الله المحرم هو مبدأ التاريخ الهجري لأمة الإسلام ، فإن المسلمين في عهد عمر رضي الله عنه فكروا بأي شيء يؤرخون كتبهم ويعرفون الأحوال ، فاستشار عمر المسلمين في ذلك ، فاتفق رأيهم على أن الشهر المحرم هو مبدأ العام الهجري هجرةِ محمد ؛ لأنهم رأوا أنه آخر أشهر الحرم ، فابتدئوا به العام لينتهي العام بشهر حرام أيضًا ، وهو ذو الحجة .
وقال المفتي العام : يوم عاشوراء ، اليوم العاشر من هذا الشهر له شأنه ، فهو يوم عظيم من أيام الله ، إن الأنبياء كانت تصومه ، ولكن صح عندنا صيام نبيين من أنبياء الله لهذا اليوم ، فأولهما : صيام موسى بن عمران كليم الرحمن بهذا اليوم ، وثانيهما : صيام سيد الأولين والآخرين ، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه .
وموسى بن عمران كليم الرحمن أحد أولي العزم من الرسل ، هذا النبي الكريم عظم الله ذكره في كتابه ، فجاءت قصته في القرآن ما بين مبسوطة وما بين موجزة ، وفي قصص الأنبياء عبرة للمعتبرين : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ .
نبي الله موسى بن عمران قصته في القرآن عجيبة ، ذلك النبي الكريم الذي اختاره الله لأن يبلغ ذلك الطاغية الذي ادعى أنه الرب الأعلى ليبلغه رسالة الله إليه ، ذكر الله قصته منذ وُلد إلى آخر قصته .
وُلد هذا النبي الكريم في زمنٍ كان فرعون يقتل فيه الذكور من بني إسرائيل ويستبقي النساء ، ولد هذا النبي في ذلك العام ، فألهم الله أمه أن ترضعه وتلقيه في البحر إلى أن يصبح فوق النهر: إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى . أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ .
كانت ترضعه وتضعه في صندوق وتلقيه في اليم ، تلقيه في البحر ، ثم إذا احتاجت إليه جذبته إليها ، لتتقي شر من يريد قتله ، فشاءت إرادة الله أن يصل ذلك الصندوق الذي فيه هذا الرضيع إلى بيت آل فرعون ، فجاء من يوُكلون بقتل الذكور ليقتلوه ، ولكن أمر الله فوق كل شيء : وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ .
فأوحى الله في قلب امرأة فرعون حبَّ ذلك الطفل ، والشفقة والحنان عليه ، وقالت مخاطبة لفرعون : لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ .
جاء هذا الطفل الصغير الرضيع ، يريدون من يرضعه ، فجاؤوا له بجميع المرضعات ، فلم يقبل ثدي أي امرأة منها ، ولما أوقع الله حبّه في قلب امرأة فرعون ، ضاقت ذرعًا بذلك الأمر ، وأهمَّها الأمر ، طفلٌ في بيتها لم يقبل ثدي أي امرأة كائنا من كان ، ولكن لما لله من حكمة ولوعده الصادق الذي وعده أمه أن يرجعه إليها في أمن وأمان ، بعثت أخته لتنظر ماذا حاله ، وماذا انتهى إليه أمر هذا الطفل ، قال الله عنها : وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
تلك محبة الأم لطفلها : فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ، من كبر المصاب الذي حلّ بها ، قالت لأخته : قصيه ، وتتبعي أثره ، واستمعي حاله ، فعسى أن تهتدي إليه : فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ .
يبحثون له عن مرضعة في المدينة كلها ، فقالت لهم : هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ .
نعم إنهم ناصحون له ، وإنها أمه الشفيقة عليه ، قال الله : فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ .
ترضعه على أنها مرضعة أجيرة ، وهي أمه الشفيقة عليه ، ومنذ أن التقم ثديها ارتضع رضاعًا جيدًا ، فأعطوا أمه أجرته ، وأكرموها وهم لا يعلمون أنها أمه ، ولله الحكمة فيها يقضي ويقدر .
إرادة الله
وأضاف المفتي العام : شاءت إرادة الله ترعرع هذا الصبي في بيت آل فرعون ، ولما لله من حكمة بالغة ، وجرت أمور وأحوال حتى أرادوا قتل موسى ، فخرج فارًا منهم ، وهداه الله إلى أهل مدين ، وشاءت إرادة الله إلى أن كان ما كان ، حتى أوحى الله إليه ، ليبلغ رسالته لذلك الطاغية الذي يقول : أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .
وأيده الله بأخيه هارون استجابة لدعاء موسى عليه السلام ، فجاءا آل فرعون قائلين : إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .
والله أمرهما أن يقولا له قولاً لينًا ، لعله يتذكر أو يخشى ، فلما أبلغاه رسالات ربه ، استهزأ بهما ، وقال : وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ .
من رب العالمين ؟! من باب الاستنكار والجحود ، وإلا فهو يعلم في باطن أمره أن رب العالمين حق على الله : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ .
صدق الرسالة
وقال سماحته : دعاه إلى الله ، وقال : وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ . قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ . قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ .
من باب السخرية والاستهزاء : قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ .
فعند ذلك لجأ إلى القوة : قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ .
وقال : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ .
عند ذلك زاده موسى : قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ .
يدل على صدق ما جئت به ، وأني رسول الله إليك حقًا ، قال من باب الاستنكار : قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .
وقد أعطى الله موسى آيتين دالتين على صدق رسالته كما قال : ( ما بعث الله من نبي إلا آتاه من المعجزات ما على مثله آمن البشر ، وإن الذي أوتيته وحي أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثر تابعًا ) .
بيد موسى عصا ألقاها على فرعون فإذا هي بقدرة رب العالمين ثعبان مبين ، كادت أن تلتهم فرعون وملأه : وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ .
دالة على صدق رسالته ، وعند ذلك مضى موسى بدعوته إلى الله وقوته في الحق لما ظهر من صدقه وذل فرعون ومن معه ، ولكن فرعون تمادى في طغيانه ، واستعان بالسحرة ، وأغراهم وأعطاهم ومنَّاهم إن هم هزموا موسى ، وإن هم تغلبوا على موسى ، لأنه يرى أن تلك العصا واليد سحر ، وأن فرعون عنده من السحر ما يتغلب به على سحر موسى في ذلك ، والتقوا واجتمعوا ، وتواعدوا موعدًا كما قال الله عنهم : مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى .
فلما اجتمعوا ، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى .
وجاء السحرة بقصدهم وقضيضهم ، وملؤوا الوادي عصيًا وحِبالاً ، يظنه من يراها حيات وأشياء كثيرة ، وموسى وحده إنما يحمل عصاه التي بيده ، والله يقول له : لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى .
ألقى العصا التي معه ، فالتقمت كل ما في الوادي ، وظهر من عجائب قدرة الله العظيمة التي لا تقاوم ما أبهر السحرة وأيقنهم أنهم على باطل ، وأن تلك معجزة ربانية ، لا قدرة لهم بمقاومتها ، فعند ذلك خرَّوا لله سجداً وقالوا : آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صيام يوم عاشوراء احتسب على الله أن يكفر سنة ماضية ) .
وحث المفتي العام على صيامه وترغيب الأبناء فى صيامه ، وبين المفتي العام : أن المسلم يصوم يوم العاشر ويصوم يومًا قبل العاشر ، أو يصوم يومًا بعد العاشر ، وإن جمع الأيام الثلاثة كلها فحسن .
فضل عاشوراء
وقال سماحته فى حديث لـ " المدينة " حول فضل يوم عاشوراء واستحباب صيامه : شهر الله المحرم أحد الأشهر التي قال الله فيها : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ .
والأشهر الحرم : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب كانت أشهرًا يحرم فيها القتال لتعظيمها ، لعظيم أمرها ، وكانوا في الجاهلية يحتالون على استباحتها ، فإذا بدا لهم أمر ، وأرادوا فعله في الشهر الحرام استباحوا الحرام ، ونقلوه إلى شهر آخر ، ولذا قال الله عنهم : إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ .
التاريخ الهجري
واليوم العاشر من محرم له شأنه العظيم ، ولكن قبل ذلك شهر الله المحرم هو مبدأ التاريخ الهجري لأمة الإسلام ، فإن المسلمين في عهد عمر رضي الله عنه فكروا بأي شيء يؤرخون كتبهم ويعرفون الأحوال ، فاستشار عمر المسلمين في ذلك ، فاتفق رأيهم على أن الشهر المحرم هو مبدأ العام الهجري هجرةِ محمد ؛ لأنهم رأوا أنه آخر أشهر الحرم ، فابتدئوا به العام لينتهي العام بشهر حرام أيضًا ، وهو ذو الحجة .
وقال المفتي العام : يوم عاشوراء ، اليوم العاشر من هذا الشهر له شأنه ، فهو يوم عظيم من أيام الله ، إن الأنبياء كانت تصومه ، ولكن صح عندنا صيام نبيين من أنبياء الله لهذا اليوم ، فأولهما : صيام موسى بن عمران كليم الرحمن بهذا اليوم ، وثانيهما : صيام سيد الأولين والآخرين ، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه .
وموسى بن عمران كليم الرحمن أحد أولي العزم من الرسل ، هذا النبي الكريم عظم الله ذكره في كتابه ، فجاءت قصته في القرآن ما بين مبسوطة وما بين موجزة ، وفي قصص الأنبياء عبرة للمعتبرين : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ .
نبي الله موسى بن عمران قصته في القرآن عجيبة ، ذلك النبي الكريم الذي اختاره الله لأن يبلغ ذلك الطاغية الذي ادعى أنه الرب الأعلى ليبلغه رسالة الله إليه ، ذكر الله قصته منذ وُلد إلى آخر قصته .
وُلد هذا النبي الكريم في زمنٍ كان فرعون يقتل فيه الذكور من بني إسرائيل ويستبقي النساء ، ولد هذا النبي في ذلك العام ، فألهم الله أمه أن ترضعه وتلقيه في البحر إلى أن يصبح فوق النهر: إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى . أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ .
كانت ترضعه وتضعه في صندوق وتلقيه في اليم ، تلقيه في البحر ، ثم إذا احتاجت إليه جذبته إليها ، لتتقي شر من يريد قتله ، فشاءت إرادة الله أن يصل ذلك الصندوق الذي فيه هذا الرضيع إلى بيت آل فرعون ، فجاء من يوُكلون بقتل الذكور ليقتلوه ، ولكن أمر الله فوق كل شيء : وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ .
فأوحى الله في قلب امرأة فرعون حبَّ ذلك الطفل ، والشفقة والحنان عليه ، وقالت مخاطبة لفرعون : لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ .
جاء هذا الطفل الصغير الرضيع ، يريدون من يرضعه ، فجاؤوا له بجميع المرضعات ، فلم يقبل ثدي أي امرأة منها ، ولما أوقع الله حبّه في قلب امرأة فرعون ، ضاقت ذرعًا بذلك الأمر ، وأهمَّها الأمر ، طفلٌ في بيتها لم يقبل ثدي أي امرأة كائنا من كان ، ولكن لما لله من حكمة ولوعده الصادق الذي وعده أمه أن يرجعه إليها في أمن وأمان ، بعثت أخته لتنظر ماذا حاله ، وماذا انتهى إليه أمر هذا الطفل ، قال الله عنها : وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
تلك محبة الأم لطفلها : فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ، من كبر المصاب الذي حلّ بها ، قالت لأخته : قصيه ، وتتبعي أثره ، واستمعي حاله ، فعسى أن تهتدي إليه : فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ .
يبحثون له عن مرضعة في المدينة كلها ، فقالت لهم : هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ .
نعم إنهم ناصحون له ، وإنها أمه الشفيقة عليه ، قال الله : فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ .
ترضعه على أنها مرضعة أجيرة ، وهي أمه الشفيقة عليه ، ومنذ أن التقم ثديها ارتضع رضاعًا جيدًا ، فأعطوا أمه أجرته ، وأكرموها وهم لا يعلمون أنها أمه ، ولله الحكمة فيها يقضي ويقدر .
إرادة الله
وأضاف المفتي العام : شاءت إرادة الله ترعرع هذا الصبي في بيت آل فرعون ، ولما لله من حكمة بالغة ، وجرت أمور وأحوال حتى أرادوا قتل موسى ، فخرج فارًا منهم ، وهداه الله إلى أهل مدين ، وشاءت إرادة الله إلى أن كان ما كان ، حتى أوحى الله إليه ، ليبلغ رسالته لذلك الطاغية الذي يقول : أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى .
وأيده الله بأخيه هارون استجابة لدعاء موسى عليه السلام ، فجاءا آل فرعون قائلين : إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .
والله أمرهما أن يقولا له قولاً لينًا ، لعله يتذكر أو يخشى ، فلما أبلغاه رسالات ربه ، استهزأ بهما ، وقال : وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ .
من رب العالمين ؟! من باب الاستنكار والجحود ، وإلا فهو يعلم في باطن أمره أن رب العالمين حق على الله : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ .
صدق الرسالة
وقال سماحته : دعاه إلى الله ، وقال : وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ . قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ . قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ .
من باب السخرية والاستهزاء : قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ .
فعند ذلك لجأ إلى القوة : قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ .
وقال : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ .
عند ذلك زاده موسى : قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ .
يدل على صدق ما جئت به ، وأني رسول الله إليك حقًا ، قال من باب الاستنكار : قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .
وقد أعطى الله موسى آيتين دالتين على صدق رسالته كما قال : ( ما بعث الله من نبي إلا آتاه من المعجزات ما على مثله آمن البشر ، وإن الذي أوتيته وحي أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثر تابعًا ) .
بيد موسى عصا ألقاها على فرعون فإذا هي بقدرة رب العالمين ثعبان مبين ، كادت أن تلتهم فرعون وملأه : وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ .
دالة على صدق رسالته ، وعند ذلك مضى موسى بدعوته إلى الله وقوته في الحق لما ظهر من صدقه وذل فرعون ومن معه ، ولكن فرعون تمادى في طغيانه ، واستعان بالسحرة ، وأغراهم وأعطاهم ومنَّاهم إن هم هزموا موسى ، وإن هم تغلبوا على موسى ، لأنه يرى أن تلك العصا واليد سحر ، وأن فرعون عنده من السحر ما يتغلب به على سحر موسى في ذلك ، والتقوا واجتمعوا ، وتواعدوا موعدًا كما قال الله عنهم : مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى .
فلما اجتمعوا ، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى .
وجاء السحرة بقصدهم وقضيضهم ، وملؤوا الوادي عصيًا وحِبالاً ، يظنه من يراها حيات وأشياء كثيرة ، وموسى وحده إنما يحمل عصاه التي بيده ، والله يقول له : لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى .
ألقى العصا التي معه ، فالتقمت كل ما في الوادي ، وظهر من عجائب قدرة الله العظيمة التي لا تقاوم ما أبهر السحرة وأيقنهم أنهم على باطل ، وأن تلك معجزة ربانية ، لا قدرة لهم بمقاومتها ، فعند ذلك خرَّوا لله سجداً وقالوا : آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى .
يتبع إن شاء الله
الأربعاء 25 مارس - 2:10 من طرف hayfa
» sowar ittha7ik
الإثنين 16 مارس - 13:25 من طرف NADOUDA
» walid & amin presentent la parte 2 des logiciels
الأربعاء 4 مارس - 18:07 من طرف aminabdedayem
» لكل من يريد لعبة جديدة وضع طلبه هنا
السبت 28 فبراير - 14:37 من طرف aminabdedayem
» دهون أوميغا 3
السبت 7 فبراير - 13:36 من طرف NADOUDA
» تكرار طلب
الجمعة 6 فبراير - 23:59 من طرف mamadou
» alllllerrrr code d'activation avast pro 4.8
الخميس 5 فبراير - 17:01 من طرف ahmed
» frequence de fevrier 2009
الخميس 5 فبراير - 16:47 من طرف ahmed
» فلنتحدث عن الفواكه وعصائرها الفوائد والطريقة المثلى لتناولها
الخميس 5 فبراير - 16:37 من طرف ahmed